الأربعاء، 11 أغسطس 2010

ألف باء التدريب!





في حياتنا وأحاديثنا اليومية، نعمد بقصد أو بدون قصد إلى استهلاك بعض العبارات حتى تصبح مشاعة إلى الحد الذي يفقدها بريقها أو حضورها المستحق أو تصبح بلا قيمة فعلية، وما يحدث في التدريب بالنسبة لتحديد الاحتياجات التدريبية "تحديدا" هو من قبيل الاستهلاك المفرط لهذا المصطلح، بحيث تتحول جهود التدريب في بعض المؤسسات إلى ما يشبه "التدريب لأجل التدريب"، مع تجاوز واضح للمرحلة التي تؤسس عمليا لقيمة التدريب، وكأن التدريب غاية في حد ذاته أو قدر مفروض على المؤسسة لا يمكن تجاوزه أو وقفه أو النظر في جدوى استمراره، أصلا!
التدريب من حيث المبدأ يكتسب أهمية بالغة في ترسيخ نجاح أي مؤسسة ورفع قدرتها التنافسية، لأن القدرة التنافسية لأي مؤسسة كامنة بشكل أساسي في طاقات ومعارف ومهارات أفرادها واتجاهاتهم الإيجابية نحو ثقافة المؤسسة وأهدافها، لذا يتدخل التدريب لا كنشاط علاجي فقط، بل كعملية تشخيصية لمواطن القصور في أداء الأفراد والمؤسسات أيضا، ذلك لأن منظومة التدريب تعتمد على جهود متكاملة تبدأ بتقارير المشرفين والمراقبين وأقسام تقييم الأداء الذين يقع على عاتقهم تشخيص مواطن القوة والضعف في أداء المؤسسة، ومن ثم تحديد أي الأنشطة هي أنسب لتحسين وتطوير مواضع الضعف، وما هي المعارف والمهارات والاتجاهات الواجب استهداف تعليمها أو التدريب عليها.
والتدريب يعطي نتائج فعالة و واضحة ومجربة، فقط حين تتوافر مجموعة من الشروط، يمكن الإشارة إلى بعضها كالتالي:

1)      أن يكون التدريب مخططا ومبنيا على أسس علمية، ونقصد بذلك توظيف الأدوات الصحيحة في تحديد وتحليل الاحتياجات التدريبية الفعلية، واللجوء إلى اتخاذ قرارات واضحة بوقف التدريب، حين لا تثبت هذه المرحلة أي دواعي ملحة للتدريب، أو أن هناك أنشطة و إجراءات أخرى يمكن القيام بها مقارنة بكلفة التدريب، الباهظة في الغالب.
2)      النظر إلى نتائج البرامج السابقة عند التخطيط للبرامج الحالية أو المستقبلية، لأن المعرفة تراكمية، وقد تجد عندها أنك لست بحاجة إلى تكرار أي من البرامج التي أنفقت فيها سابقا، وكل ما تحتاجه هو اتخاذ تدابير وممارسات محددة لضمان نقل أثر التدريب إلى بيئة العمل.
3)      إشراك الموظفين أنفسهم في مرحلة تحليل الاحتياجات التدريبية، وخلق جو ملائم من النقاش يساعد المتدربين على فهم أهمية مستوى مهاراتهم ومعارفهم بالنسبة لأداء المؤسسة، بحيث يشعر الموظف هنا بأهميته وأيضا بمسئوليته تجاه جهود التدريب التي تستهدفه.
4)      أن يكون التدريب مرتبطا بتحقيق نتائج على الأداء الفردي والمؤسسي، وهذا شرط ينبغي التنبه إليه، وربما يمكننا العودة إليه بالتفصيل لاحقا من خلال المدونة، فبعض دوائر التدريب تقع تحت تظليل شركات ووسطاء التدريب، في فترة إعدادها لموازنات التدريب، دون الوعي بمدى تلبية البرامج التدريبية لأهداف المؤسسة ومسؤولية أفرادها.
5)       أن يكون مصمما تصميما يراعي كل الجوانب المرتبطة بفعاليته، كصياغة أهداف محددة وقابلة للقياس والتحقق ضمن إطار زمني معين، وتصميم أنشطة تدريبية تخدم تحقق تلك الأهداف، وتوفر دراية جيدة لدى منفذي التدريب بطرق التدريب وتنوعها ومناسبتها للمحتوى وللمستهدفين، وضمان وجود أفضل الممارسات والإجراءات لتحويل التدريب إلى حيز التطبيق.
6)      إذا لم يوجد لدى مؤسستك وقت كافي أو كوادر مدربة لقياس وتقييم التدريب، أو لا يوجد لدى المؤسسة استعداد دائم لتقبل نتائج التقييم والعمل بمقتضاها في تصميم البرامج التدريبية اللاحقة، فالأولى أن تتوقف عن التدريب، لأن هناك احتمالا أكبر باستمرار لإضاعة كل جهود وميزانيات التدريب بلا عائد فعلي على استثمارك فيها.
7)      تدريب الرؤساء المباشرين وغير المباشرين والمشرفين التنفيذيين على توظيف التدريب ونتائجه، بحيث يشمل هذا التدريب إطلاعهم على الميزانيات الفعلية المخصصة للتدريب ونتائج التقييم السابقة وحجم الهدر أو الفقد الحاصل فعليا، ومناقشة مسئولياتهم وأدوارهم باتجاه إصلاح الخلل، وإكسابهم المعارف والمهارات اللازمة لمساعدة المتدربين على تحويل التدريب إلى حيز التطبيق وخلق مناخ ملائم وثقافة داعمة لنقل أثر التدريب.
8)      في حال اعتماد المؤسسة على شركاء آخرين ووسطاء لتوفير التدريب، فلا تتردد في رفض القوالب التدريبية الجاهزة، واللجوء إلى دعوة جهة التدريب للقاء المستهدفين أو المشرفين المباشرين، والعمل معا على تصميم محتوى مناسب للمؤسسة واحتياجات الموظفين الفعلية ومناسبتها لمهام عملهم ومستوياتهم الوظيفية.  
9)      اعتماد نظام يتسم بالمرونة والكفاءة لمراقبة العائد على الاستثمار return on investment في التدريب، بحيث يصبح لدى متخذي القرار في المؤسسة رؤية واضحة يتم اتخاذ قرارات التدريب في المستقبل على أساسها.

 ويبقى أن أشير إلى أن هذه أفكار ومبادئ عامة، سيتم مناقشتها بالتفصيل في مقالات قادمة بإذن الله.

* يمكنك نقل جزء أو كل المقال أو إعادة إرساله إلى الزملاء والأصدقاء ، مع الإشارة إلى مصدره  www.arabhrd.blogspot.com  مع صادق شكري وتقديري.

ليست هناك تعليقات: