الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

التعاقد مع المتدرب لتطبيق محتوى التدريب: ابحث عن ثقافة المؤسسة؟

يمكنكم أن تعتبروا هذا الكلام من قبيل (الدردشة المهنية العابرة) و ليس خروجا عن إلتزامي بأن تكون مقالات شهري سبتمبر وأكتوبر مخصصة لتقييم التدريب، لأن فكرة التعاقد مع المتدرب قبل ترشيحه لحضور أي برنامج شغلت تفكيري طوال ساعات مضت، وهي للأمانة ليست (سبقا مهنيا) لأنني وجدت بعض الدراسات قد أشارت إليها من قبل، كما أن بعض المؤسسات في أكثر من دولة (استراليا واليابان، على الأقل) قد طبقتها فعليا بصور ومستويات مختلفة، وأوصت بعض الدراسات العلمية بتطبيقها كممارسة مرتبطة بتجويد التدريب.
***
أثناء إلقائي عرضا حول كتاب Leslie Rea الذي شاركتكم جزءا منه في المقال السابق بعنوان (في البدء كانت الأسئلة... نحو فهم أفضل لعملية تقييم التدريب) طرحت السؤال التالي على الحضور، ما رأيكم في فكرة التعاقد مع المتدرب لنقل أثر التدريب بعد عودته من البرنامج الذي يوفد إليه؟
الزملاء وعددهم (6) انقسموا بين مؤيد ومعارض ومشكك في فعالية هكذا ممارسة... البروفسور أجاب باقتضاب : look Ahmed, if your organization is willing to do that, you are lucky.. the whole thing depends on the organization culture..
(انظر أحمد، إذا كانت المؤسسة التي تعمل بها مستعدة لتطبيق ذلك، فأنت محظوظ... الأمر برمته يعتمد على ثقافة المؤسسة)!
                                                        ***
فتحت إجابة البروفسور مزيدا من الأسئلة والنقاش الإيجابي، قالت إحدى الطالبات بأن الشركة التي تعمل بها تعمد إلى ما يشبه هذا الاقتراح، حيث يوقع المتدرب قبل الذهاب إلى البرنامج التدريبي تعهدا يقر بموجبه بمسئوليته عن كتابة تقرير مفصل حول المعارف والمهارات التي تعلمها والممارسات التطبيقية التي يقترح تبنيها نتيجة للتعلم الجديد، وأيضا يلتزم بإعادة تدريب زملاءه...
***
الفصل السابع من قانون الخدمة المدنية في سلطنة عمان، يشير في مواده (54،55) على أن "التدريب واجب على جميع الموظفين" و تعتبر الفترة التي يقضيها الموظف في التدريب فترة عمل" كما يعتبر القانون التخلف عن التدريب "إخلالا بواجبات الوظيفة" ورغم التأكيد الواضح على إلتزام الموظف وإمكانية مساءلته في حال تعمد ارتكاب هذا "الإخلال" لا توجد إشارة إلى أية إلتزام آخر يقع على المتدرب فيما يتعلق بعودته إلى مكان العمل، وربما لم ير المشرع حاجة – حتى الآن- لتضمين ذلك حرفيا، طالما أن واجبات الوظيفة تقتضي نقل أثر التدريب،وأيضا يمكن فهم ذلك من خلال فرضية أن التدريب تم تنفيذه في الأصل "وفقا لمتطلبات العمل" كما ورد في المادة 54 من نفس القانون.
طالعت لوائح التدريب في قوانين الخدمة المدنية في دول عربية مختلفة، وبالأخص في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين... الأمر لا يختلف كثيرا... وفي قانون الخدمة المدنية بالسعودية عدة بنود حول المصروفات التي تمنح للمتدرب في الخارج وبيانات حول المكافآت وتأكيد أيضا على "أن يكون للدورة علاقة بالعمل الذي يقوم به"... لكن كل القوانين تخلو من (تثبيت) التعاقد مع المتدرب على تطبيق ما تم تدريبه عليه كبند أو شرط للموافقة على ترشيحه للتدريب... 
طيب،،
هل نلوم لوائح وزارات الخدمة المدنية؟ لا يمكن أن نلقي باللوم على لوائح الوزارة، حيث أن هكذا قوانين تتطور مع تطور ثقافة المؤسسة وتتفاعل مع متطلباتها، ثم أن هكذا فكرة (أعني التعاقد مع المتدرب لنقل أثر التدريب) فيها كثير من التفصيل (الوظيفي) الذي يجب أن يعنى به الرؤساء المباشرون ويتناسب أكثر مع طريقة إدارتهم لشئون أقسامهم ودوائرهم، واللوائح غالبا تتناول العموميات والأطر و في كل الأحوال، يمكننا أن نتفاءل بأن نرى أمرا مشابها يوما ما، خاصة في حال تدخل وحدات تنمية موارد البشرية في الوزارات المدنية لتأكيد مثل هذه القوانين، ومرة أخرى هذا يتطلب نقاشا علميا بناء وعميقا وقبل هذا دعما من رؤساء ومدراء دوائر التدريب، وإعادة الاعتبار لمركزية التدريب في أي منظمة/مؤسسة تضع بشكل صادق تحسين أداءها، وأيضا الالتفات إلى حجم الإنفاق المتزايد على مخصصات التدريب، التي يجب أن ينظر إليها كاستثمار يحقق عوائد يمكن قياسها بأدوات محددة سنتناولها تباعا هنا...

المتدرب غالبا ما يسأل عن (الحقوق) لكنه يتناسى (الواجبات)، و دافعية المتدرب لتحويل التدريب إلى حيز التطبيق تتأثر بعوامل عدة منها الخارجي، وهكذا تعاقد قد يدفع (من الدافعية) المتدرب إلى إعادة النظر ليس في جديته أثناء حضوره البرامج التدريبية، بل في ترشحه لدورة هو ليس بحاجة إليها أصلا، وهنا قد "تتداعى" ثمار إيجابية أخرى من بينها أن احتمالية إشراك المتدرب في تحديد احتياجاته التدريبية (التي سيلتزم لاحقا بتطبيقها) ستزيد، وكل ممارسة مهنية مسئولة بالتأكيد ستضيف المزيد من الفعالية لمنظومة التدريب في أي مؤسسة.
***
هل قلت شيئا جديدا؟ لا أظن... كنت أفكر بصوت عال وأصابعي على (الكيبورد) وأرجو أن أتعرف على وجهات نظركم حول هذا الأمر...  ذات النقاش  المهني الجاد في مؤسساتنا يجب أن يستمر، لكن مع ميل أكبر باستمرار لتطبيق المعارف الجديدة، والأهم استعداد "شجاع" للتغيير ... التغيير نحو الأفضل طبعا!

الجمعة، 1 أكتوبر 2010

في البدء كانت الأسئلة: نحو فهم أفضل لعملية تقييم التدريب!

في كتابها المعنون ب (كيف تقيس فعالية التدريب?) How to measure training effectiveness تقدم Leslie Rea مجموعة أسئلة، أرى أنها مهمة لفهم عملية تقييم التدريب، وكذلك أساسية سواء للمشرف على تقييم التدريب أو المدرب أو المساهمين في تأليف وتصميم البرامج التدريبية، سأطرح الأسئلة الواردة بقدر من التبسيط والاختصار، وأود أن أشير في البداية إلى أن أهمية هذه الأسئلة تكمن – من وجهة نظري- في أنها تقدم إطارا معرفيا وعمليا تمكن الممارس من اختيار النموذج النظري المناسب لبناء أدوات التقييم الأكثر فعالية لمؤسسته وفقا لطبيعة أنشطتها وهيكلها التنظيمي وثقافتها المهنية السائدة، أعني بذلك أن ما يناسب مشرف الإنماء المهني في مدرسة يختلف عما يناسب أخصائي التدريب في شركة تسويق وإعلانات، ويختلف عن ما يناسب مسئول التدريب في مصنع أغذية يعتمد قياس الأداء فيه على الوحدات المنتجة يوميا من منتج معين...

الأسئلة الواردة في كتاب Leslie Rea مرتبة وفقا لمكونات عملية التدريب نفسها كالتالي:

محتوى التدريب:
هل محتوى التدريب وثيق الصلة ومناسب للاحتياجات التدريبية الفعلية؟ هل محتوى التدريب حديث ويعتمد أحدث المعارف والمهارات في المجال التدريبي؟
طريقة/طرق التدريب:
هل أساليب التدريب المستخدمة هي الأكثر ملائمة لموضوع التدريب؟ دعوني أطرح مثالا لتقريب فهم هذا السؤال، لنتصور أننا نقوم بالتدريب على مهارات إجراء المقابلات لاختيار مرشحين محتملين لوظيفة معينة؟ أليس من المناسب إجراء مقابلات فعلية ثنائية وجماعية أثناء التدريب؟ الاكتفاء بإعطاء المتدربين كلاما نظريا حول "مهارات إجراء المقابلات" لن يكون فعالا بدرجة التطبيق العملي وإعطاء تغذية راجعة مباشرة للمتدربين...
السؤال الآخر المتعلق بطرق التدريب هو ما إذا كانت طرق التدريب المستخدمة ملائمة ومنسجمة مع أنماط التعلم لدى المتدربين، وهنا على مصمم المحتوى التدريب والمدرب أن يكون على وعي بمبادئ التعلم لدى الكبار، وأن يقرأ في نظريات التعلم، كما أن هناك من الأخوة المدربين من يميل إلى الاستفادة من تقنيات العلوم الحديثة كالبرمجة اللغوية العصبية في تنويع طرق وأساليب التدريب التي يستخدمها مثل توظيف. (أنماط التمثيل الثلاثة) في تنويع أساليب التدريب المناسبة لكل فئة أو التوازن بينها.. المهم، هو أن ننجح في الإجابة على هذا السؤال في مرحلة التقييم القبلي بشكل واضح وعملي.
محصلة أو مقدار التعلم:
هنا  الأسئلة متعلقة بشكل وثيق بالسؤال الأول حول محتوى التدريب، وتحاول الكشف عن ماهية المواد التعليمية التي ستقدم للمشاركين، وفيما إذا كانت جديدة بالنسبة لهم أو إنها مفيدة حتى لو كانت مكررة، بمعنى هل تكرارها كان مبررا ومفيدا للمتدربين؟ كذلك يمكننا أن نسأل هنا، عما إذا مقدار التعلم يستحق برنامجا تدريبيا أم يمكن توظيف أدوات أخرى لتقليل تكاليف التدريب؟ هل يمكن التعويض ببعث وثائق مثلا مرتبطة بموضوع التدريب؟
مهارات المدرب:
هل يملك المدرب القدرة والمهارة الكافية والدافعية اللازمة لتقديم المادة التدريبية؟ وسنتحدث بالتأكيد لاحقا – إن شاء الله تعالى- عن معايير اختيار المدربين وتدريبهم وكل ما يتعلق بعالم المدربين وتطبيق الأسس الاحترافية في هذا الجانب.
الإطار الزمني للتدريب:
هل الإطار الزمني للجلسات التدريبية متوافق مع المحتوى التدريبي؟ هل يوجد أي جوانب لم تأخذ حقها من زمن التدريب أو جوانب أخرى أخذت أكثر مما تستحق؟ وهنا لا يكفي فقط أن يتمتع المدرب بمهارات إدارة وقت الجلسة التدريبية، بل القدرة على تصميم الزمن الملائم لكل نشاط تدريبي ضمن الإطار الكلي للبرنامج.
الأهداف:
هل حقق البرنامج التدريبي أهدافه؟ وهذه مسألة – بكل أسف- إما أن يتم الحديث عنها بمثالية بالغة أو بتجاهل محبط، والنتيجة واحدة، تمويه الأهداف وتمييعها وبالتالي ما نحصل عليه هو المزيد من الضبابية فيما يتعلق بما نكرسه من وقت وجهد وأموال في عمليات التدريب، وهنا لا يكفي فقط الإشارة إلى الأهداف التي تم صياغتها من قبل مصممي ومديري التدريب، بل ينبغي معرفة ما إذا كان للمتدربين أنفسهم أهدافهم الشخصية من المجيء إلى التدريب، وفيما إذا كان قد أعطوا الفرصة لتحقيق تلك الأهداف.
الحذف أو الإضافة:
يتعلق هذا السؤال بأجزاء المحتوى التدريبي التي تم إلغاءها ولماذا؟ أو المحتوى الذي تمت إضافته مثلا... وهذا يعطي مؤشرا حول عدة جوانب، منها المرونة التي يتحلى بها المدرب وقدرته على الاستجابة لمتطلبات الاحتياجات والأهداف الشخصية للمتدربين، وكذلك تفاعل المتدربين أنفسهم ومدى وعيهم باحتياجاتهم الفعلية، كما يعطي تصورا عن مدى "علمية" مراحل تأليف وتصميم المحتوى التدريبي بما يتناسب مع ما أشرنا إليه سلفا من عوامل.
نقل التعلم:
هنا تتعلق أسئلتنا بمحتوى التعلم الذي يمكن نقله إلى بيئة العمل أو حيز التطبيق، ولماذا؟ وما هي الخطوات أو العوامل التي تضمنها البرنامج لضمان حدوث ذلك، وهنا يمكن العودة إلى مقالات سابقة من بينها استراتيجيات نقل أثر التدريب إلى حيز التطبيق، وكذلك الشرح المبسط لنموذج فورد وبالدوين لتحول التدريب إلى حيز التطبيق، وأيضا دعم المشرفين والرؤساء المباشرين للمتدرب لتحويل التدريب.
التجهيزات والتسهيلات:
وهذا يتعلق خصوصا بالتدريب الخارجي الذي يعقد في الفنادق ومراكز التدريب الكبرى، وفي الغالب تتولى إدارة التدريب الإشراف على الوفاء بتوفير مثل هذه التسهيلات، لكنه بالتأكيد تدخل ضمن صلب عملية تقييم التدريب لأنها مؤثرة على نجاح وفعالية البرامج التدريبية.
التطبيق العملي:
وهذه الأسئلة مرتبطة بنقل التعلم، لكن Leslie Rea تشير إليها بشكل مستقل، لأنها تعني تحديدا التغيرات الحاصلة في بيئة العمل كنتيجة مباشرة للتدريب، وتطرح الأسئلة هنا حول الجوانب أو الإجراءات التي تم استحداثها في بيئة العمل كنتيجة للتدريب الحاصل، ونوعية التغييرات التي حدثت في بيئة أو ثقافة العمل كمحصلة للتعلم الجديد.
الكفاءة:
تتعلق الأسئلة في هذا الجانب بمدى كفاءة الموظف قبل وبعد التدريب؟ وبالطبع كفاءة أداء المؤسسة قبل وبعد التدريب... لا يكفي أن نضع خطط تدريب ونصرف الأموال عليها ثم نعود أدراجنا بعد عام كامل من الجهد والعناء لنقوم بتصميم خطط جديدة، دون قياس الأداء المتحقق من عمليات التدريب الفائتة، ومن المفترض كما أسلفت في مقالات سابقة، أن تعطي الإدارة العليا في المؤسسة اهتماما واضحا وملموسا لهذا الأمر. 
يمكنكم ملاحظة أن الإجابة على هذه الأسئلة تطلب أدوات عملية ذات كفاءة واضحة في تصميمها ونوعية النتائج والمؤشرات التي تعطيها، وبالتالي مستوى القرارات التي من المفترض أن تبنى عليها، لذا -قبل البحث في الأطر والنماذج والأدوات التي تمكننا من الإجابة العلمية والعملية على مثل هذه الأسئلة- أود التأكيد على أهمية قناعتنا كمشتغلين في قطاع التدريب للأخذ بنتائج التقييم واتخاذ قراراتنا المستقبلية في ضوء تلك النتائج، لا بناء على ما نعتقد نحن أنه صحيح... بنية حسنة، وليس بالنوايا الحسنة وحدها يتحقق العمل المؤسسي الرائد!

السبت، 25 سبتمبر 2010

مـا الذي يـنبغي تــقييمه في التدريب؟



بالرغم مما تنفقه المؤسسات الحكومية والخاصة على التدريب، إلا أن هناك شبه إجماع على خلل ما في الأدوات والإجراءات التي يتم توظيفها فعليا لتقييم التدريب، إنها "مشكلة" احتلت حيزا كبيرا من أدبيات التدريب وبحوثه ومؤتمراته، وستبقى كذلك، طالما أن العالم بمعطياته شديدة التسارع يفرض أنماطا مختلفة من الإنتاج ويفرض مستويات جديدة من التنافسية، التي تستدعي مزيدا من القوى البشرية المدربة والمؤهلة، وبالتالي توقعات أكبر من عمليات التدريب المستمرة.

ولأجل تمكين التقييم من إعطاء نتائج فعلية يمكن البناء عليها مستقبلا، ينبغي أن نحدد سلفا ما الذي نود تقييمه في البرنامج التدريبي، وهنا يمكن توظيف أكثر من نموذج أو إطار نظري سنتطرق إليها تباعا بإذن الله من خلال المدونة، واستنادا لأغلب تلك "النماذج training evaluation models، فإن تقييم التدريب يستهدف تقييم:

1)      المدخلات: أهداف البرنامج التدريبي، تأليف و تصميم المحتوى التدريبي، المواد التعليمية التي سيتم توزيعها للمتدربين، الطرق التي سيتم توظيفها في التدريب، مهارات ومعارف وتمكن المدرب، مكان وزمان تنفيذ البرنامج، التسهيلات والمواد المقدمة لتنفيذ التدريب.

وحين نقول مثلا تقييم أهداف البرنامج التدريبي، نقصد بذلك أن تتم صياغتها بشكل متقن وعملي، والطريقة الشائعة في هذا الصدد هي إخضاع تلك الأهداف لآلية  SMART أي (specific  محددة، measurable قابلة للقياس، achievable يمكن تحقيقها، مترابطة أو ذات صلةrelevant ، ومحددة بوقت timed)، وأعني بهذا المثال أن يتم توظيف مجموعة خطوات أو إجراءات للتحقق من فعالية كل مكون في فئة المدخلات.

2)      العمليات: تنفيذ التدريب، تفاعل المشاركين، مستوى ونوعية الأنشطة المقدمة لإيصال محتوى التدريب وتحقيق أهدافه، الإجراءات التي يتبعها المدرب لتنفيذ تلك الأنشطة وتقييم نتائجها والبناء عليها.

3)      المخرجات أو النتائج: مدى تحقق الأهداف، مدى تنفيذ المحتوى المستهدف، التغيير (الحذف أو الإضافة) الذي حصل لمحتوى البرنامج، قدر أو حجم التعلم الذي تم إكسابه للمتدربين، وكذلك التعلم القابل للنقل إلى حيز التطبيق، قياس رضا المتدربين، التقييم الذاتي للمدرب، قياس العائد على التدريب، تقييم أداء المتدربين على المدى القريب والمتوسط والبعيد.

كما يشار أحيانا إلى مستويين من تقييم التدريب هما: التقييم الذاتي أو الداخلي، internal، والتقييم الخارجي external، يشمل التقييم الذاتي كل الإجراءات الأدوات التي تستهدف تقييم التدريب نفسه كمحتوى تعلم من حيث الأهداف والمحتوى وأساليب التدريب الخ، والتقييم الخارجي يتناول أثر التدريب على بيئة العمل، وبمعنى آخر الفرق بين أداء المتدربين قبل التدريب وبعده، وتذهب بعض الدراسات إلى إضافة الأداء الفردي والمؤسسي  individual & organizational performance قبل التدريب وبعده.

وفي حال تم توظيف الأساليب الصحيحة في تقييم التدريب وضمن المراحل المناسبة، فإن المحصلة النهائية للتقييم الفعال، ينبغي أن تثمر عن قناعات محددة بشأن البرنامج التدريبي، وهي:

1)      مدى أهمية البرنامج فعليا لأهداف المؤسسة وتوجهاتها.

2)      مدى فعالية تنفيذ البرنامج، ورضا المستهدفين عن مستوى التنفيذ.

3)      الأهداف الوجدانية والمهارية والمعرفية التي حققها البرنامج.

4)          إمكانية توظيف محتوى البرنامج في حيز التطبيق "مكان العمل".

5)      تقديم نتائج  وعوائد مجزية للمؤسسة مقارنة بالتكاليف.

إلى حد كبير هذا الكلام عام ويمكن اعتباره كمقدمة،  والمدونات القادمة ستتناول الموضوع بالتفصيل، بإذن الله.

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

حتى لا يصبح تقييم التدريب مجرد كلام!

هذا الكلام ليس علميا تماما، إنه يشبه طرح الأسئلة المزعجة، تلك الأسئلة التي نتفادى أحيانا أن نسألها في "الدول النامية"، لأن المناخ العام لمؤسساتنا يفرض نمطا غريبا من المجاملة التي تتم على حساب العمل، تحت ستار العلاقات الإنسانية أحيانا، وأحيانا لأسباب أخرى لسنا معنيين بها هنا.
يرتبط التقييم في أذهاننا غالبا، بالنقد والمسائلة والمحاسبة، ولعله يتعدى كل ذلك لدى البعض إلى الشعور بالنقص، وعدم وجود التقييم يمنحنا مستوى من الراحة النفسية وقدرا من الثقة المزيفة بأن كل شيء على ما يرام!
وهذا بالتأكيد تصور خاطئ، لاسيما وأنه يتعلق بأداء مؤسسي وثيق الصلة بتحقيق المعدلات المستهدفة من الكفاءة والإنتاجية، لأن التقييم يعني في أبسط معانيه إعطاء قيمة أو وزن لشيء أو عمل ما، فإذا كانت قيمة التدريب ونتائجه أقل من تكلفته أو أن تكلفته أكبر من خيارات أخرى لدى المؤسسة للوصول إلى أهدافها، احتاجت جهود التدريب وأنشطته إلى إعادة نظر.
و يعلق أحد الخبراء الأجانب حول الضعف في توظيف أدوات ذات كفاءة في عملية تقييم التدريب في إحدى مقالاته بقوله "عندما يتعلق الأمر بالتقييم، فكل الذي تسمعه مجرد كلام" وهذا الواقع ليس وضعا عربيا خاصا، حيث خرجت دراسة أجريت في بريطانيا أن 82% من المشغلين employers لم يجروا أي محاولة لتقييم الفوائد المتحققة من التدريب المنفذ في مؤسساتهم، كما تشير دراسة أحدث أجريت على المؤسسات الأمريكية أن حوالي 50% من تلك المؤسسات لا تستخدم في تقييم برامجها التدريبية سوى أدوات التقييم التي تقيس "ردة فعل أو انطباع المتدرب" reaction وهو المستوى الأول من نموذج التقييم الشهير ذي المستويات الأربع ل kirkpatrick والزملاء العرب المشتغلون في قطاع التدريب لعلهم على دراية تامة بأن المقصود هنا غالبا هو ذلك الاستبيان الذي يتم توزيعه على المتدربين ويشمل بنود ( ملائمة المكان والزمان وفترات الاستراحة والانطباع العام حول أسلوب المدرب ومدى تحقق أهداف البرنامج الخ) وكل ذلك يتم تقييمه من خلال انطباع المتدرب، لذا نسمي عادة هكذا تقييم "قياس مستوى الرضا level of Satisfaction أي رضا المتدرب عن البرنامج.
وفيما تحفل المكتبة الأجنبية بعديد الكتب والدراسات التي تخصصت في تقييم التدريب، تعاني المكتبة العربية من شح واضح في المعرفة العلمية المتعلقة بأدوات التقييم والاعتماد شبه الكلي على (الأدوات الكمية) – إن جاز التعبير- في إعطاء صورة مختصرة عن فعالية البرامج التدريبية، وهذا أحد أسباب ضعف مستوى تقييم التدريب، بالإضافة إلى أن عملية التقييم نفسها في الواقع ليست مهمة سهلة، كما أن اعتماد نتائجها يحتاج إلى دعم واضح ومستمر من الإدارة العليا في أي مؤسسة، وتعاون الشركاء في عملية التدريب.

التدوينات والمقالات القادمة خلال شهري سبتمبر وأكتوبر في مدونة أفكار وقضايا في التدريب ستركز على هذا المكون الأساسي والحاسم من مكونات عملية التدريب ومراحلها المهمة التي لا تبدأ عند بدء البرنامج ولا يجب أن تنتهي بنهايته، وستعالج المقالات المفاهيم العامة لتقييم التدريب ونماذجه الأكثر شيوعا والانتقادات التي وجهت إليها، والأدوات التي يمكن توظيفها لضمان أكبر عائد ممكن لعملية التقييم، واستعراض لأحدث الإصدارات الأجنبية في هذا المجال الهام.

الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

استمعوا إليهم، خذوا بأيديهم! دعم المشرفين والرؤساء المباشرين للمتدرب لتطبيق محتوى التدريب


Employee training
تتناول أدبيات التدريب الدعم المقدم للمتدرب لتحفيزه على نقل أثر التدريب على أنه مكون أساسي ضمن العوامل المؤثرة على تحويل التدريب إلى حيز التطبيق، وبالتالي تعظيم نتائج التدريب، ومن المهم أن تلتفت المؤسسات التي يعنيها شأن نقل وتطبيق أثر التدريب إلى بيئة العمل، إلى تهيئة مناخ التعلم المناسب للمتدربين، ولتحقيق ذلك يمكن اتخاذ مجموعة من التدابير المشتركة بين مخططي ومنفذي التدريب من جهة والمشرفين أو الرؤساء المباشرين للمتدربين من جهة ثانية، كذلك التأكد من وجود أنشطة لاحقة معززة للتعلم. (مريام وليهي، 2005).

لا بد أن يبدأ الدعم المقدم للمتدرب من خلال إشراكه بشكل فعلي في تحديد احتياجاته التدريبية، واستيضاح توقعاته من المحتوى التدريبي الذي يستهدف تلبية تلك الاحتياجات، ويمكن للمشرف أو الرئيس المباشر والمتدرب أن يجتمعا لتقييم مشاركاته السابقة في برامج التدريب، وتشجيع المتدرب على إجراء تقييم ذاتي  self assessment لأدائه والمهارات التي يحتاجها لتحسين هذا الأداء، وهذا يعطي المشرف أو الرئيس المباشر المجال لإيضاح التوقعات من المتدرب بعد عودته إلى مكان العمل. ومهما كانت الأداة المستخدمة لتحديد الاحتياجات التدريبية وتقييم التدريب، فمن المهم أن تعطي أكبر قدر من إشراك المتدرب في إعداد وتقييم التدريب.

كذلك الحرص على اختيار طرق تدريب تدمج المتدرب في أنشطة الجلسات التدريبية، وتمنحه فرصة أكبر لإظهار خبراته وتجاربه واختبارها من خلال نقاشات المدرب والزملاء، وأيضا التعرف على توقعات المتدربين حول مضمون التعلم الجديد ومدى تطابقه مع مهام عملهم، وهذا ما يعمد إليه بعض المدربين المحترفين مع بداية الجلسات التدريبية.
وفي دراسة لأثر كيفية صناعة قرارات التدريب على مرحلة تطبيق التدريب، يؤكد كلارك وآخرون (2003) على أن الموظفين الذين يتم إشراكهم أو استشارتهم بشأن صياغة قرارات التدريب، يميلون إلى الاعتقاد بأنهم جزء مهم من عملية التدريب ويدفعهم ذلك إلى الاهتمام بنقل نتائج التدريب في أماكن عملهم، كما أن التدريب الذي يأخذ طابع الإلزام، و الذي يتم ترشيح المتدرب إليه دون رغبة منه يعيق أي دافعية لديه من خلال اتخاذ مواقف سلبية أو غير داعمة لنقل أثر التدريب. (ويهرمان وآخرون،2002 ).

وفي دراستهما لأفضل الممارسات الداعمة لنقل أثر التدريب، وجد بورك وهوتشينس (2009) أن دعم المشرفين وتوفر المصادر والفرص للمتدربين لتطبيق المعارف والمهارات الجديدة في بيئة العمل ممارسات ذات فعالية عالية، وهذا ينسجم مع أبحاث أخرى، لاسيما فيما يتعلق بدعم المشرفين المتمثل في تقديم تغذية راجعة ومراجع لتنمية المهارات التي تم التدرب عليها.

وينبغي التنبه إلى أن المتدربين الذين يشعرون بتجاهل من قبل رؤسائهم بعد عودتهم من التدريب، يميلون بدورهم إلى تجاهل أو إهمال أي تطبيق فعلي للمعارف والمهارات التي تم تعلمها خلال التدريب، أو يظهرون ميلا أقل من نظرائهم الذين يتلقون دعما من رؤسائهم المباشرين حال عودتهم من التدريب. (ووهرمان وآخرون،2002 )، وكل ما هو مطلوب من الرئيس عند عودة الموظف من التدريب هو الجلوس معه والتحدث إليه حول مدى الاستفادة التي تحققت من البرنامج، ومناقشته حول خطته لتطبيق ما تم تعلمه، ويمكن أن يتم ذلك في وجود الزملاء لتحقيق فائدة أكبر، وتحفيز الجميع على إعطاء فرص التدريب الاهتمام الذي تستحق.

ويبقى أن نشير إلى  تأكيد الدراسات على أن دعم المؤسسة اللازم لتحقيق أكبر عائد من التدريب في مرحلة التطبيق يعتمد بشكل أساسي على دور المشرف أو الرئيس المباشر، وهما القادران على تخطيط بيئة العمل والأنشطة والإجراءات التي تمكن وتشجع المتدرب على تحويل معارفه ومهاراته الجديدة إلى حيز التطبيق، وكذلك يمكن للمشرف أو الرئيس المباشر تهيئة فريق العمل لديه لتقبل مثل هذه الإجراءات، لتحقيق أفضل عائد ممكن من التدريب.

المراجع
Burke, L.A. and. Hutchins, H.M. A Study of Best Practices in Training Transfer and Proposed Model of Transfer, (2008) Human Resource Development Quarterly, vol. 19, No. 2. pp 107-128.

Clark, C. S., Dobbins, G. H., & Ladd, R. T. (2003) Exploratory field study of training motivation. Group & Organization Management, 18(3), 292-307

Merriam, S. B., & Leahy, B. (2005). Learning transfer: A review of the research in Adult Education and training. Journal of Lifelong Learning, 14, 1-24.

Wehrmann, K.C, Shin K, & Poertner J, Transfer of Training: An Evaluation Study, (2002), Journal of Health & Social Policy (The Haworth Press, Inc.) Vol. 15, No. 3/4, , pp. 23-37.








الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

شرح نموذج Baldwin & Ford لتحويل التدريب إلى حيز التطبيق

image
أول النماذج التي ظهرت لتفسير ووصف عملية تحويل التدريب إلى حيز التطبيق، وهو مهم جدا لمديري التدريب وللمشرفين وللمدربين والرؤساء المباشرين الذين تقع عليهم مسئولية مراقبة وتقييم عملية نقل أثر التدريب، قدم النموذج Timothy Baldwin و Ford J. Kevin.. وبالرغم من أن نماذج عدة ظهرت لاحقا حتى عام 2009، إلا أن هذا النموذج ظل حاضرا بقوة في أدبيات التدريب، ويمكن تشبيه أهميته بالنسبة لتحويل التدريب بأهمية نموذج المستويات الأربعة ل Kirkpatrick في تقييم التدريب، وتقريبا لا توجد أي دراسة أو مقال علمي قدم حتى الآن في هذا المجال بدون الرجوع إلى هذا النموذج أو الإشارة إليه، كما أنه وضع تأصيلا علميا بناء لماهية عميلة تحويل التدريب والعوامل المؤثرة فيه، استند على نقد رصين للإطار النظري الذي كان متوفرا وقت تطوير النموذج.

قام بالدوين وفورد، (1988) بتقديم النموذج كإطار لفهم الكيفية التي تحدث بها عملية تحويل التدريب إلى حيز التطبيق من خلال فهم العوامل المؤثرة على عملية التدريب نفسها ومراحل انتقال (محتوى التعلم) الجديد إلى التطبيق الفعلي،ويصف النموذج عملية تحويل التدريب وفقا لثلاث مكونات رئيسة: مدخلات التدريب (تصميم التدريب، السمات الشخصية للمتدرب، وخصائص بيئة العمل)، مخرجات أو نتائج التدريب ويقصد بها مستوى التعلم الحاصل أثناء التدريب والقدرة على الاحتفاظ بمحتوى التعلم الجديد لما بعد انتهاء البرنامج، والبعد أو الضلع الثالث لهذا النموذج يكمن في شروط حدوث عملية التحويل و هما :
1) تعميم التعلم الحاصل في التدريب على بيئة العمل.
2) الاحتفاظ بأثر التعلم/التدريب إلى فترة زمنية كافية. 

ما يهمنا كمشتغلين في مجال التدريب، هو الممارسات أو الإجراءات التي ينبغي تبنيها لتحقيق أكبر عائد للتدريب، لذا سأعمد إلى شرح النموذج بشكل مبسط ومختصر، بالتركيز على "المدخلات" مع الإشارة إلى أمثلة من الإجراءات التي يمكن أن تتخذ من قبل المشرفين على التدريب أو الرؤساء المباشرين للمتدربين.

تصميم التدريب: وفقا ل (بالدوين وفورد)، فإن العوامل لمؤثرة على تصميم التدريب تشمل: توظيف مبادئ التعلم بشكل صحيح، وتسلسل وترابط محتوى التدريب، وكذلك مدى ارتباط محتوى التدريب بمهام العمل.
لذا على جهات التدريب، لاسيما تلك التي تعتمد في تخطيط وتنفيذ التدريب على موظفين ومشرفين من داخل المؤسسة ذاتها، أن تتأكد من تضمين مبادئ تعلم الكبار ضمن برامج تهيئة المدربين والمشرفين الجدد، كما على مخططي ومقيمي برامج التدريب التأكد من محتوى البرامج التدريبية التي تنفذ في مؤسساتهم ومدى ترابطها وارتباطها بمهام العمل الفعلية، واللجوء إلى إحداث التغييرات اللازمة في برامجها وتحسينها باستمرار.

السمات الشخصية للمتدرب: وتشمل بشكل أساسي المهارات والقدرات، الدافعية، والشخصية.
وهذا عامل حاسم أكدت عليه دراسات عديدة لاحقة، وكنت قد كتبت مقالا بعنوان (تخيروا لبرامجكم: السمات الشخصية للمتدربين) سيتم نشره لاحقا في هذه الزاوية بإذن الله، وما يهمنا الآن، هو التنبه عند ترشيح المتدربين إلى اختيار متدربين قادرين فعلا على رفد القسم/الدائرة/المؤسسة بنتائج التعلم الجديد، وتقديم عائد مجزي للتكاليف التي تقوم عليها عملية التدريب، واستبعاد "العناصر" التي (أينما توجهها لا تأتي بخير) والتوقف عن النظر إلى التدريب على أنه "مكافأة" يتم تقديمها للموظفين، النوايا الحسنة والمجاملات وتطييب الخواطر ليس له علاقة بالعمل المؤسسي الناجح!

خصائص بيئة العمل: يشير النموذج إلى مجموعة من الخصائص وهي الدعم الذي يقدمه المشرفون للمتدرب عند العودة إلى بيئة العمل، وكذلك الدعم الذي يقدمه النظراء أو الزملاء لنقل أثر التدريب، وكذلك معوقات وفرص تطبيق السلوكيات المتعلمة في بيئة العمل.
وللأسف، هناك غياب واسع وملحوظ في أغلب مؤسساتنا لهذا الدعم، ويمكن اللجوء إلى مجموعة من الخطوات لتحسين الوضع القائم حاليا بتبني المشرف أو الرئيس المباشر لمجموعة من التدابير لدعم وتحفيز المتدربين على نقل أثر التدريب إلى حيز التطبيق، ويمكن الاستفادة في هذا الإطار من المقال المنشور سابقا هنا بعنوان (استراتيجيات تحويل التدريب إلى حيز التطبيق).

وبالعودة إلى النموذج، يتضح لنا أن سمات المتدرب وخصائص بيئة العمل ومستوى تصميم البرنامج التدريبي لا تؤثرعلى مستوى تحويل التدريب فقط، بل تؤثر أيضا على مستوى التعلم الحاصل أثناء التدريب نفسه، وكذلك القدرة على الاحتفاظ بمضمون التدريب واستعادته، وكذلك يشير النموذج إلى ترابط تأثير المدخلات، فمثلا إذا كان تصميم التدريب جيدا وتم بناء محتواه بشكل متقن، إلا أن غياب خصائص بيئة العمل المحفزة لنقل أثر التدريب قد تعيق الاستفادة من محتوى التدريب، وبالمثل فإن دافعية المتدرب وحماسه للتعلم وتطبيق المهارات الجديدة أمر هام، لكنه غير كافي في غياب تخطيط وتصميم وتنفيذ جيد للبرامج التدريبية، وتبقى المناقشات البناءة بين شركاء التدريب في المؤسسة اعتمادا على أساليب علمية ممنهجة ومخططة أمر في غاية الأهمية لتطبيق الأساليب المناسبة لكل مؤسسة على حدة.
وشكرا لكم.

الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

ما وراء التدريب... العشب ليس دائما أكثر اخضرارا خلف السياج!


في الكتاب الشهير "قوة الآن"  يسوق المؤلف إيكهارت تول قصة طريفة لعابر سبيل مر على متسول يتخذ من قارعة طريق مكانا له منذ  ثلاثين سنة جالسا على نفس الصندوق مادا يده للمارة، بينما كان المتسول ينتظر إحسانا من الرجل الغريب عابر السبيل، فاجأه الرجل بسؤال: ما الذي تجلس عليه؟ أجاب المتسول: لا شيء، إنه صندوق... مجرد صندوق، وبادره الرجل بسؤال آخر: وماذا في داخل الصندوق؟ هل تعرف؟، أجاب المتسول: لا، لم أكترث بالطبع، أنا أجلس عليه منذ أمد بعيد؟ سأله الرجل: لماذا لا تفتح الصندوق وتنظر ما بداخله... ومع إلحاح الرجل، فتح المتسول الصندوق، فإذا الصندوق مملوء بالذهب!.. يقول إيكهارت عن القصة أنه يستشهد بها، لإيضاح علاقته بالقارئ، الذي لا يملك له سوى أن يدله على موضع الذهب ومكمن الثروة الفعلية في حياته..
****

مؤسساتنا تنهض على كفاءات "ذهبية" تشكل ركاز وأصل مشروع نجاحها وعمود قوتها، وهي تعي بشكل متزايد أهمية الاستثمار في تطوير قدرات موظفيها وتنمية معارفهم واتجاهاتهم الإيجابية نحو ثقافة العمل المؤسسي الناجح، وفي دول عربية عدة يتضح لنا نشاط دائب وتطور ملحوظ في حجم مخصصات التدريب وتنمية الموارد البشرية، وهذا من حيث المبدأ توجه يتسم بالمسئولية وتعضده طموحات رائدة لتحقيق مكاسب بعيدة المدى على مستوى التنمية المستدامة.


لكن الاعتقاد السائد بأن التدريب يحل كل عوائق الإنتاج، ويعالج كل أسباب الخلل في الأداء، ينبغي أن يبقى محل نقاش وتساؤل جاد من القائمين على وضع ميزانيات ومخصصات التدريب والمشتغلين أيضا في هذا المجال الحيوي وبالأخص عند تصميم خطط التدريب السنوية، وفي الرسالة السابقة المعنونة  بـ "القيمة الاقتصادية للتدريب" أشرت إلى أرقام مذهلة في حجم مخصصات التدريب في البلاد العربية، ونتمنى أن نصل إلى معلومات واضحة وشفافة حول إنفاق كل بلد عربي على حدة في مجال التدريب.
                                                                              ****

بحكم قربي من العمل الحكومي، أؤمن أن هناك توجها مستمرا للاستفادة من خدمات التدريب المقدمة عبر القطاع الخاص الذي أخذ بزمام المبادرة في السنوات الأخيرة للاستثمار في مجال التدريب بشكل متسارع، فرضته أدوات وتحديات الاقتصاد الجديد ومؤشرات التنمية في البلاد العربية على وجه العموم، وأصبحت أنشطة "وسطاء التدريب" تشكل بعدا أساسيا ضمن أنشطة التدريب بصورة عامة، وتوجهت أغلب الجهات الحكومية لـ"شراء" برامج تدريبية نوعية، لاسيما تلك التي تستهدف الإدارات الوسطى والعليا، هذا إلى جانب البعثات التدريبية القصيرة خارج الدولة، وفي دولة كسلطنة عمان – على سبيل المثال- تم إبتعاث أكثر من 850 متدرب خارج السلطنة خلال العام 2009،  28% منهم تم تدريبهم في دول أوربية وآسيوية، فيما يشكل عدد الذي تدريبهم في دول خليجية وعربية أكثر من 64% من الموظفين الذين تم تدريبهم خارج البلاد، وهذه الأرقام تخص موظفي قطاع الخدمة المدنية فقط!

                                                                             ****

ليس للتدريب قيمة أصيلة في حد ذاته، إنه يكتسب قيمته وأهميته من الأثر الذي يتركه على بيئة العمل ومعدلات الانتاج، ولا يقدم التدريب حلولا سحرية، ولذا لا ينبغي أن يكون عملا نمطيا روتينيا تعمد إليه المؤسسات في كل الأحوال، هناك فرصة دائمة لأن تعتمد المؤسسة -لاسيما وحدات تنمية الموارد البشرية- إلى ابتكار حزمة متجددة وفاعلة من الأفكار والمبادرات والأنشطة التي تناسب أهدافها الفعلية ونوعية خدماتها و إمكاناتها و هيكلها التنظيمي وتنسجم مع مناخ المؤسسة وثقافتها التنظيمية، التي من المفترض أن يكون ضمن أسس عملها تحقيق الأهداف بأقل كلفة وأقل جهد ممكن، وهو ما يعرف بالكفاءة. وإن كانت الكفاءة مفهوما نسبيا إلى حد ما، لكنها في حدها الأدنى من الفهم والممارسة تعطي تصورا للعلاقة بين موارد  المشروع/العملية ونتائجها المتوقعة، فإذا طبقنا ذلك على التدريب، سيتضح وجود بدائل أفضل بكثير من الاعتماد المستمر على التدريب، أو على الأقل اعتماد أساليب متنوعة للتدريب من بينها تدريب الزملاء، والتدريب المكتبي، وهذه أدوات سنأتي على مناقشة كيفية تطبيقها في تدوينات قادمة .
وعلى سبيل المثال، قد يؤدي تنظيم يوم مفتوح في مناسبة معينة نتائج أفضل من دفع مبالغ طائلة لشراء برنامج تدريبي من جهة خاصة، و قد يكون إنشاء مدونة أو ساحة حوار خاصة بدائرة أو قسم معين لتبادل الأفكار والتجارب حول تحسين أداء آلة أو تطوير ندوة أو ملتقى علمي أكثر واقعية وعملية من تكاليف البرامج التدريبية، وتتطلب جهدا أقل وتوفر الوقت الذي يلزم لتفريغ الموظف، بل أن تفعيل البريد الالكتروني بشكل صحيح بين أقسام ودوائر المؤسسة الواحدة، يمكن أن يلعب دورا محوريا في تشجيع الموظفين على التعلم الذاتي المرتبط بمهامهم ومساراتهم المهنية، وأيضا تخفيض الفاقد الحاصل من عملية التدريب لأسباب مختلفة.

                                                                               ****
   
الخلاصةهي أن الأدوار الجديدة لوحدات تنمية الموارد البشرية ينبغي أن تتطور بموازاة التوجهات الحديثة للباحثين و المشتغلين في هذا المجال الحيوي، وينبغي طرح الأسئلة العلمية القيمة حول قياس العائد على الاستثمار في التدريب، وتطوير الخيارات والبدائل التي تعتمدها وحدات ومراكز التدريب والمشرفين المباشرين لتقليل تكاليف التدريب، والوصول إلى تنمية فعلية لمهارات العاملين، وتوظيف عملي لمحتويات التعلم الجديد الذي تثبت الدراسات أنه يصبح أكثر فعالية حينما يكون أكثر ارتباطا بمهام الموظف والتوقعات منه وتوقعاته هو أيضا من بيئة العمل، وليس التدريب وحده ما يمكنه أن يقدم مثل هذه الميزة، بل حتى الاجتماعات المكتبية أو الميدانية الثنائية أو الجماعية والنقاشات المفتوحة الممنهجة وبحوث العمل يمكنها أن توفر مساحة علمية وعملية لنقل المعارف والمهارات الجديدة بشكل أكبر وأقرب إلى حيز التطبيق.



حين نتبع ذات الوسائل سنحصل باستمرار على نفس النتائج، وكل ما نحتاجه هو أن نركز على تحديد ما نحتاجه فعليا، وما هي أسهل وأفضل الطرق للوصول إليه وأقلها كلفة... حينها، من يعرف، قد نقول : أوقفوا التدريب!

الجمعة، 13 أغسطس 2010

الـقـيمة الاقـتـصـادية للـتدريـب

خرجت نظرية رأس المال البشري من رحم النظرية الاقتصادية ذائعة الصيت وبالغة التأثير في عالم اليوم، وقبل صاحبنا "المعلم شولتز"، كانت النظريات المبكرة تشير إلى رأس المال البشري ببساطة على أنه قوة العمل workforce، كعنصر من عناصر الإنتاج، وجهود شولتز Schultz جاءت لسد فجوة في الاهتمام بعناصر القيمة الاقتصادية غير المادية، حيث كان اهتمام أسلافه من المنظرين ينصب على الأصول assets المادية للإنتاج كالآلات والأراضي، ، وفعليا، كل ما قام به Schultz ومجموعة أخرى من المنظرين أمثال روبرت سولو R.Solowوجاري بيكر G.S.Becker، هو لفت الانتباه أو تأكيد الاعتبار لمعارف ومهارات الفرد على أنها حجر زاوية في زيادة الإنتاجية وتحقيق قيمة اقتصادية أكبر للمؤسسة والمجتمع، وبين ظهور آدم سميث بكتابه الشهير the wealth of Nations (ثروة الأمم)، واجتهادات شولتز وغيره، تراكم وعي كبير بأهمية التعليم والتدريب للتنمية الاقتصادية للأمم، عبر مؤلفات ومقالات مارشال Marshal وكارل ماركس Karl Marx...

وبالتالي يصبح التدريب والتعليم -الذي يستهدف زيادة معارف الموظفين وصقل مهاراتهم وتعزيز اتجاهاتهم الإيجابية نحو ثقافة المؤسسة وأهدافها - نشاطا استثماريا يفترض به أن يعود على المؤسسة بعوائد مرتبطة فعليا بزيادة إنتاجيتها وقدرتها التنافسية، وبالتالي ربحيتها، في حال تحدثنا عن المؤسسات الربحية، أي أن التدريب استثمار في رأس مال المؤسسة.
ولأن توظيف المعرفة وإعادة إنتاجها هما السمتان الأبرز لأفضل الاقتصاديات في عالم اليوم، بالنظر إلى شكل ونمط الاقتصاد المعاصر، وهي أيضا المحك الأول الذي تقوم عليه التنافسية الشديدة المفروضة بفعل نتائج العولمة، فإن التدريب كمنظومة علمية مخططة يدخل في صلب هذا الوجه المعاصر للاقتصاد، ومتغيراته وأبعاده.
****

ولتقريب وجهة نظري هذه، سأخبركم أني انشغلت لربع ساعة على الأقل قبل أيام بحساب تفاصيل مناقصات التدريب التي وقعتها وزارة القوى العاملة في سلطنة عمان، ضمن خططها الطموحة لتدريب الشباب العماني، يقول الخبر الذي أعلن عبر وسائل الإعلام المحلية بأن معالي الوزير قام بالتوقيع على 23 اتفاقية تدريب وتشغيل لعدد 1262 شاب وشابة، بمبلغ مليوني وسبعمائة وستة آلاف ريال عماني (أكثر من خمسة ملايين وخمسة عشر ألف دولار أمريكي)، وبالطبع هذه "الحزمة" ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، بحسب تصريح سعادة وكيل الوزارة للتعليم التقني والتدريب المهني، هذا الطموح والمبادرات الحكومية الرائدة، ينبغي دائما أن يصاحبها أسئلة جادة حول تقييم العائد الاقتصادي الفعلي، على هكذا استثمار عظيم ومقدر... ومختصر الحديث هنا، هو القيمة الاقتصادية المتوقعة للاستثمار في التدريب، وحجم الإنفاق الذي ينبغي للمتدربين أيضا أن يثمنوه ويفهموا غاياته وتوقعات مؤسسات الدولة منه.
****

أيضا، يمكنكم أن تعودوا إلى قصص التنمية والنجاح الآخذة في التحقق، سواء في ماليزيا أو الصين أو الهند كأمثلة واضحة، لندرك معنى القيمة الاقتصادية للتدريب وتنمية الموارد البشرية، ويخطئ من يظن أن اقتصاد الصين الفعلي قادم من محلات (رامز) وما على شاكلتها، من يريد أن يعي التركيبة المعقدة للاقتصاد الصيني، فليبحث عن مئات الآلاف من الطلاب الصينيين الذي يدرسون في الجامعات الأوروبية والأمريكية... كذلك الملايين التي يستدرها الاقتصاد الماليزي من وجود عشرات الآلاف من الطلاب الأجانب، لم تأت من فراغ، بل كعائد على الاستثمار في قطاع التعليم العالي، ... وحين تستقطب ماليزيا 100 ألف طالب أجنبي للدراسة ، فإنها تعي تماما ما تفعل، فمتوسط الإنفاق الشهري للطالب الأجنبي هنا وفقا لتجربتي هي 250 دولار أمريكي، وفي حال وجود 100 ألف طالب، سيكون الإنفاق الشهري لهؤلاء 25 مليون دولار، هذا عدا تكاليف البرامج الدراسية)، وحين اختارت الهند وزيرها كابيل سيبال وزير تنمية الموارد البشرية للإعلان عن إنتاج أرخص حاسب آلي بقيمة 35 دولار، كان علي أن أتوقف لأسال .. لماذا وزير تنمية الموارد البشرية؟!... وبالمناسبة، تعتزم الهند، خفض تكلفة إنتاج الحاسب المحمول إلى 10 دولار، وهي الهند نفسها التي أطلقت قبل أسابيع خمس مركبات فضائية، من بينها مركبة صغيرة قام طلاب بتصميمها، وقمر صناعي خفيف وأيضا من تصميم طلاب هندسة...

أستطيعأن أزعم بأني أعيش عن قرب  " الحلم الماليزي" الآخذ في التشكل، وكم "يستفزني" كلام بعض المحاضرين هنا، حين يتحدثون عن النموذج الاقتصادي الجديد لماليزيا، هذا البلد الذي تحول من بلد مصدر للمواد الخام كزيت النخيل والمطاط إلى بلد صناعي منافس على قائمة الاقتصاديات الصناعية، وهو يجتهد بخطى حثيثة لتجاوز هذه المرحلة إلى الاقتصاد المبني على المعرفة، استنادا إلى ....ماذا؟
استنادا إلى حجم الإنفاق الهائل على التدريب وتنمية الموارد البشرية...وعلى سبيل المثال، تشترك أكثر من 230 شركة في تمويل صندوق تنمية الموارد البشرية Malayasia HRD Fund الذي يسهم بفعالية في تمويل ورعاية برامج تدريب العاملين والموظفين هنا.
***


ينفق العالم أكثر من 800 مليار دولار على التدريب، وتنفق الولايات المتحدة وحدها ما يربو على 100 مليار دولار أمريكي... وينفق العالم العربي، ما يقارب ال 200 مليار دولار...بلغة الأرقام والاقتصاد، حين نتحدث عن التدريب فنحن فعليا نتحدث عن استثمار هائل في الإنسان...
ويبقى السؤال: هل هناك إيرادات ضائعة لهذا الاستثمار الضخم؟
الجواب: نعم... كيف؟ لماذا؟ وماذا يمكن أن نفعل؟... هذا ما سنتحدث عنه في مقالات وتدوينات قادمة!

* يمكنك نقل المقال أو إعادة إرساله - مشكورا- إلى الأصدقاء والزملاء المهتمين، بالإشارة إلى مصدره، مع فائق شكري وتقديري
www.arabhrd.blogspot.com

الأربعاء، 11 أغسطس 2010

ألف باء التدريب!





في حياتنا وأحاديثنا اليومية، نعمد بقصد أو بدون قصد إلى استهلاك بعض العبارات حتى تصبح مشاعة إلى الحد الذي يفقدها بريقها أو حضورها المستحق أو تصبح بلا قيمة فعلية، وما يحدث في التدريب بالنسبة لتحديد الاحتياجات التدريبية "تحديدا" هو من قبيل الاستهلاك المفرط لهذا المصطلح، بحيث تتحول جهود التدريب في بعض المؤسسات إلى ما يشبه "التدريب لأجل التدريب"، مع تجاوز واضح للمرحلة التي تؤسس عمليا لقيمة التدريب، وكأن التدريب غاية في حد ذاته أو قدر مفروض على المؤسسة لا يمكن تجاوزه أو وقفه أو النظر في جدوى استمراره، أصلا!
التدريب من حيث المبدأ يكتسب أهمية بالغة في ترسيخ نجاح أي مؤسسة ورفع قدرتها التنافسية، لأن القدرة التنافسية لأي مؤسسة كامنة بشكل أساسي في طاقات ومعارف ومهارات أفرادها واتجاهاتهم الإيجابية نحو ثقافة المؤسسة وأهدافها، لذا يتدخل التدريب لا كنشاط علاجي فقط، بل كعملية تشخيصية لمواطن القصور في أداء الأفراد والمؤسسات أيضا، ذلك لأن منظومة التدريب تعتمد على جهود متكاملة تبدأ بتقارير المشرفين والمراقبين وأقسام تقييم الأداء الذين يقع على عاتقهم تشخيص مواطن القوة والضعف في أداء المؤسسة، ومن ثم تحديد أي الأنشطة هي أنسب لتحسين وتطوير مواضع الضعف، وما هي المعارف والمهارات والاتجاهات الواجب استهداف تعليمها أو التدريب عليها.
والتدريب يعطي نتائج فعالة و واضحة ومجربة، فقط حين تتوافر مجموعة من الشروط، يمكن الإشارة إلى بعضها كالتالي:

1)      أن يكون التدريب مخططا ومبنيا على أسس علمية، ونقصد بذلك توظيف الأدوات الصحيحة في تحديد وتحليل الاحتياجات التدريبية الفعلية، واللجوء إلى اتخاذ قرارات واضحة بوقف التدريب، حين لا تثبت هذه المرحلة أي دواعي ملحة للتدريب، أو أن هناك أنشطة و إجراءات أخرى يمكن القيام بها مقارنة بكلفة التدريب، الباهظة في الغالب.
2)      النظر إلى نتائج البرامج السابقة عند التخطيط للبرامج الحالية أو المستقبلية، لأن المعرفة تراكمية، وقد تجد عندها أنك لست بحاجة إلى تكرار أي من البرامج التي أنفقت فيها سابقا، وكل ما تحتاجه هو اتخاذ تدابير وممارسات محددة لضمان نقل أثر التدريب إلى بيئة العمل.
3)      إشراك الموظفين أنفسهم في مرحلة تحليل الاحتياجات التدريبية، وخلق جو ملائم من النقاش يساعد المتدربين على فهم أهمية مستوى مهاراتهم ومعارفهم بالنسبة لأداء المؤسسة، بحيث يشعر الموظف هنا بأهميته وأيضا بمسئوليته تجاه جهود التدريب التي تستهدفه.
4)      أن يكون التدريب مرتبطا بتحقيق نتائج على الأداء الفردي والمؤسسي، وهذا شرط ينبغي التنبه إليه، وربما يمكننا العودة إليه بالتفصيل لاحقا من خلال المدونة، فبعض دوائر التدريب تقع تحت تظليل شركات ووسطاء التدريب، في فترة إعدادها لموازنات التدريب، دون الوعي بمدى تلبية البرامج التدريبية لأهداف المؤسسة ومسؤولية أفرادها.
5)       أن يكون مصمما تصميما يراعي كل الجوانب المرتبطة بفعاليته، كصياغة أهداف محددة وقابلة للقياس والتحقق ضمن إطار زمني معين، وتصميم أنشطة تدريبية تخدم تحقق تلك الأهداف، وتوفر دراية جيدة لدى منفذي التدريب بطرق التدريب وتنوعها ومناسبتها للمحتوى وللمستهدفين، وضمان وجود أفضل الممارسات والإجراءات لتحويل التدريب إلى حيز التطبيق.
6)      إذا لم يوجد لدى مؤسستك وقت كافي أو كوادر مدربة لقياس وتقييم التدريب، أو لا يوجد لدى المؤسسة استعداد دائم لتقبل نتائج التقييم والعمل بمقتضاها في تصميم البرامج التدريبية اللاحقة، فالأولى أن تتوقف عن التدريب، لأن هناك احتمالا أكبر باستمرار لإضاعة كل جهود وميزانيات التدريب بلا عائد فعلي على استثمارك فيها.
7)      تدريب الرؤساء المباشرين وغير المباشرين والمشرفين التنفيذيين على توظيف التدريب ونتائجه، بحيث يشمل هذا التدريب إطلاعهم على الميزانيات الفعلية المخصصة للتدريب ونتائج التقييم السابقة وحجم الهدر أو الفقد الحاصل فعليا، ومناقشة مسئولياتهم وأدوارهم باتجاه إصلاح الخلل، وإكسابهم المعارف والمهارات اللازمة لمساعدة المتدربين على تحويل التدريب إلى حيز التطبيق وخلق مناخ ملائم وثقافة داعمة لنقل أثر التدريب.
8)      في حال اعتماد المؤسسة على شركاء آخرين ووسطاء لتوفير التدريب، فلا تتردد في رفض القوالب التدريبية الجاهزة، واللجوء إلى دعوة جهة التدريب للقاء المستهدفين أو المشرفين المباشرين، والعمل معا على تصميم محتوى مناسب للمؤسسة واحتياجات الموظفين الفعلية ومناسبتها لمهام عملهم ومستوياتهم الوظيفية.  
9)      اعتماد نظام يتسم بالمرونة والكفاءة لمراقبة العائد على الاستثمار return on investment في التدريب، بحيث يصبح لدى متخذي القرار في المؤسسة رؤية واضحة يتم اتخاذ قرارات التدريب في المستقبل على أساسها.

 ويبقى أن أشير إلى أن هذه أفكار ومبادئ عامة، سيتم مناقشتها بالتفصيل في مقالات قادمة بإذن الله.

* يمكنك نقل جزء أو كل المقال أو إعادة إرساله إلى الزملاء والأصدقاء ، مع الإشارة إلى مصدره  www.arabhrd.blogspot.com  مع صادق شكري وتقديري.

الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

مقال قرأته وترجمته لك: استراتيجيات تحويل التدريب إلى حيز التطبيق





    يواجه عديد من المدربين تحديا يتعلق بتحفيز المتدربين على توظيف المهارات الجديدة التي تم تعلمها خلال البرنامج التدريبي في بيئة العمل، وهذا هو بالأساس صلب عملية التدريب،  سواء تعلقت تلك المهارات على سبيل المثال باستخدام نظام برمجيات لإدخال تعاملات المستفيدين، أو مهارات العمل الجماعي أو  التفويض لإعداد التقارير. وإذا لم ينجح البرنامج التدريبي في نهاية المطاف في تغيير الأساليب المتبعة في بيئة العمل، فإن كل الوقت والمال الذي أنفق لأجله يصبح ببساطة هباءً منثورا.
ولقد مر جميع المدربين لمرة أو أكثر بتلك الفئة  من المتدربين الذين لا يظهرون أي اهتمام بمضمون البرنامج ولا يكترثون لنقل المعارف والمهارات التي تم تعلمها إلى وظائفهم، وهنا نستعرض مجموعة من الأفكار المفيدة التي يمكنك كمدرب اتباعها لتعزيز دافعية المتدربين في التعلم ونقل أثر التدريب إلى حيز التطبيق، و حيث أن العمل على نقل أثر التدريب يبدأ قبل  بداية البرنامج ويستمر حتى نهايته، فإن أنشطة تحويل التدريب تم توزيعها إلى إجراءات يمكنك تنفيذها قبل وأثناء وبعد البرنامج التدريبي.
قبل البرنامج
   شجع المسئول المباشر للمتدرب على تنفيذ لقاء قبلي مع كل متدرب، وإذا لم يكن على دراية مسبقة بكيفية القيام بذلك، اشرح له، حيث يتم من خلال هذا اللقاء أو الاجتماع مناقشة كيف أن المبادىء والآليات والمهارات المستهدفة سيتم تطبيقها عمليا حينما يعود المتدرب من البرنامج التدريبي، كما أن المسئول المباشر أو المدير هو أكثر الأشخاص قدرة على التأكد من أن المشاركين قد أكملوا أية قراءات قبلية أو تدريبات متعلقة بالبرنامج، والأهم من ذلك كله فإن اللقاء القبلي يبعث برسالة قوية بأن المؤسسة مهتمة بتنمية موظفيها وهي تتوخى الجدية حول رؤية نتائج واقعية لتدريبهم.
أثناء التدريب
لجعل التدريب فعالا ومثمرا، ينبغي إتباع أساسيات تصميم التدريب، والتي تتضمن اختيار الفئة المستهدفة المناسبة، وملائمة أهدف الأداء مع النتائج المتوقعة من قبل المؤسسة، وتنفيذ التدريب في الوقت المناسب، واختيار الطرق والنماذج الملائمة، وبالإضافة إلى ذلك ينبغي وضع النقاط التالية في الاعتبار أثناء تنفيذ الجلسة التدريبية:
تحديد الهدف
يتفاعل المشاركون بنشاط، مع الموضوع حينما يكونون على يقين من وجود هدف واضح ومحدد من التعلم، وهذا يمكن أن يشمل على سبيل المثال تقليل الوقت اللازم لتسويق منتجات جديدة أو تخفيض مستوى التأثير البيئي للشركة (في حال حديثنا عن القطاع الخاص)، وإذا وجد شعور عام بأن البرنامج التدريبي يتجه للوصول إلى نتيجة مهمة خارج إطار قاعة التدريب، فإن الكثير من المتدربين سيلتفون حول تلك النتيجة أي أنهم سيدعمون إنجاح البرنامج، طالما أن هناك ما يبقيهم متعلقين بالهدف، وقد يكون ذلك الهدف شخصيا، بحيث قد يكون التقبل الاجتماعي الذي يمكن أن يسببه اجتياز الدورة أو ربما الحصول على الجدارة أو التأهيل اللازمين للالتحاق بمؤسسة مهنية مرموقة على سبيل المثال، لذا ينبغي عليك أن تتأكد من أن الأهداف المؤسسية للبرنامج موصفة بشكل واضح للمتدربين قبل بداية البرنامج.
مدى الارتباط ببيئة العمل: الترابط الوثيق بين التدريب والمهام الوظيفية
توضيح مدى الترابط الوثيق بين البرنامج والمهام الوظيفية للمتدرب يرفع من مستوى اهتمام المتدرب، ولتحقيق ذلك يمكن إتباع التالي: استعرض تجاربك الشخصية المتعلقة  بالمعارف والمهارات التي تقوم بتدريسها أو يمكنك الاستعانة بخبرات أو تجارب أخرى متعلقة بالموضوع في الأوقات المناسبة. استخدم جملة من الأمثلة الحية والسيناريوهات من نفس بيئة عمل المشاركين. اجعل أساليب لعب الأدوار والمحاكاة والأمثلة التي تطرحها واقعية وحقيقية قدر الإمكان.، بالإضافة إلى ذلك، اظهر للمتدربين كيف أن النماذج والنظريات والمبادئ التي تقوم بالتدريب عليها بحاجة إلى وضعها ضمن سياقات طبيعية وظروف العمل، وشجعهم على اقتراح هذا الترابط من خلال فتح مساحة حرة وصريحة للمناقشة وإبداء الآراء حول كيفية نقل ما يتم تعلمه إلى مكان العمل. كما أن هناك استراتيجية مثمرة أخرى، ألا وهي أن تجعل من المشرفين على المتدربين أو المدراء  يفتتحون  البرنامج أو كل جلسة تدريبية على حدة ، واستخدام هذا الإجراء يبعث برسالة واضحة إلى المتدرب بأن المسئولين  يتوقعون من الشخص المرشح للتدريب بأن يكون على وعي تام بمدى أهمية البرنامج التدريبي وارتباطه الوثيق بمكان العمل،  والأفضل من هذا، إن أمكن بالطبع، إشراك المشرف أو المدير في تقديم جزء أو أكثر من محتوى البرنامج.
الممارسة
إتاحة الفرصة للمتدربين للتطبيق أثناء التدريب يساعد على إثارة دافعيتهم واهتمامهم، بحيث يقومون بتجربة جوانب جديدة للمهارة وفي نفس الوقت يدعم ذلك بناء الثقة الشخصية لديهم عند تحقيقهم للنجاح المطلوب، وإتاحة الفرصة للتطبيق أيضا يشجع المتدربين على توظيف المهارات الجديدة عند عودتهم إلى وظائفهم، وذلك بتوضيح كيف أن المهارات الجديدة يمكنها أن تحسن من أدائهم في أعمالهم، لذا تأكد باستمرار من التوفيق بين الجوانب النظرية والتطبيقية  أثناء الجلسات التدريبية. كما أن التنويع بين الحركة البدنية والأنشطة الذهنية يساعد على إبقاء اهتمام وتركيز المتدرب.
تفاعل المتدربين وتواصلهم:
ينظر إلى التعلم في أماكن العمل على أنه نشاط اجتماعي بامتياز، نظرا لتشارك الأهداف والتطلعات، ولتعريض الخبرات والتوجهات الشخصية للمناقشة، وكذلك لأن الطرق التي تستخدم للقيام بمختلف المهام  يتم تعلمها بطريقة مدعمة بالأمثلة والتجارب. وفي بعض البرامج، ستلاحظ أن المتدربين يتعلمون من بعضهم البعض أكثر من تعلمهم من المدرب، لذا عندما يعود المشاركون إلى أماكن عملهم، فإن التعلم التشاركي سيكون على جانب كبير من الأهمية، فالتفاعل الذي يدعم المشاركة والتعاون يعظم من فرص انتقال أثر التدريب.
ومن الإجراءات التي يمكنك القيام بها هنا، هي تضمين مجموعة كبيرة من الأسئلة التي تثير الانتباه وتحفز المناقشة، قم بطرح أسئلة جماعية وهذا سيمكنهم من معرفة بعض الجوانب عن بعضهم البعض، وهذا الأسلوب يبدد المخاوف الأولية التي يشعر بها الناس عادة حين يواجهون وجوها أو أماكن جديدة، إلى جانب ذلك، خطط  لمهام جماعية عند تصميمك لبرنامجك التدريبي، يمكنك على سبيل المثال، أن تكلف مجموعة تتكون من اثنين إلى ستة متدربين بأن تضع قوائم أو تناقش سيناريو محتملا، أو تنفذ نشاط من قبيل لعب أدوار أو حل مشكلات.
يمكن أن يتم إفساد العلاقات الإيجابية نتيجة لأفعال متدرب أو أكثر من أولئك الذين تجد لديهم ميلا إلى لفت الانتباه أو إثارة الفوضى ، لذا عليك أن تتأكد من أنك قمت بوضع قواعد واضحة لبدء البرنامج، وأخيرا، كافئ المشاركين على إنجازاتهم، فالنجاح الذي يجد تقديرا يساعد على تنمية روح الفريق، لاسيما إذا كان المشاركون يجتهدون لتحقيق هدفا مشتركا.
بعد التدريب:

نقل المهارات التي تم التدرب عليها إلى بيئة العمل يبدأ في ختام البرنامج من خلال اللقاء اللاحق تواصلا مع اللقاء القبلي الذي تم بين المدير والمتدرب، وهذا  يتيح  لمدراء المتدربين مراجعة المحتوى التدريبي مع المشاركين ومناقشة خبراتهم الجديدة، وبذا يمثل هذا اللقاء مرحلة مثالية من أجل فهم خلاصة الأفكار والمهارات التي تعلمها المتدرب، وبالتالي اختيار الأنسب منها للتطبيق بما يتفق مع أهداف المؤسسة.

  • ملاحظة: يمكنك نقل جزء أو كل المقال المترجم أو إعادة إرساله إلى الأصدقاء والزملاء، بالإشارة إلى مصدر المقال مع شكري وتقديري لك.
arabhrd.blogspot.com

النسخة الانجليزية من المقال مأخوذة من http://www.businessperform.com


أخيرا.. مدونة في التدريب!

السلام عليكم.. 

هل سيكتب لهذه الخطوة النجاح؟ 

ما الذي يمكنك أن تقدمه للمهتمين والمتابعين، مع كل هذا الزخم في الحديث عن التدريب وتنمية الموارد البشرية؟ 

هذه الأسئلة وغيرها غالبا ما كانت تعترض تفكيري لبدء الكتابة والتدوين في قضايا التدريب، وغالبا أيضا ما كنت أؤجل القيام بذلك، وربما وصلت لإنشاء مدونة وتصميمها ومغادرتها قبل كتابة أي مقال أو "تدوينة" بها...
الآن:  الزمان، الساعة 12:56 بتوقيت كوالالمبور.. 11/ أغسطس/ 2010.. الأول من رمضان1431

أسجل معكم، ميلاد هذه المساحة، التي ستجدون فيها بإذن الله، مقالات علمية ومقالات "غير علمية" مما يشبه الأفكار العامة حول تجارب شخصية في مجال تنمية الموارد البشرية وبالأخص مجال التدريب وتعظيم العائد على الاستثمار في مجال التدريب من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة في الوطن العربي، وأفكار وملخصات لمقالات ودراسات أجنبية، وسأكون ممتنا لمن يشاركني تطوير محتوى المدونة من خلال نقده وتوجيهه... 

وسلام الله عليكم..