الاثنين، 4 أبريل 2011

تصميم التدريب... خطوات قبل القفز نحو المجهول


 
   هذا المساء، سوف يجلس أحدهم أمام شاشة حاسوبه، وستراوده –ربما فجأة- فكرة تصميم برنامج تدريبي ، وربما اتصل به مسئوله المباشر لتكليفه بتنفيذ ورشة عمل عاجلة، (المؤسسات المترهلة غالبا تعيش حالة عاجلة وطارئة، يمكنكم اكتشاف ذلك من التعاميم المحولة للموظفين التنفيذيين) و سوف يفتح الأخ الكريم صديقنا أبو الحركات المسمى power point  وسيبدأ في ملأ الشرائح بكلام من هنا وهناك، وربما بذل جهدا مضنيا ومخلصا وكريما في عمل "حركات" ألوان وتنسيق دخول وخروج الشرائح... وربما طلب المساعدة من  الصديق الوفي (جوجل) في تجميع توليفة من الكلام النظري والإضافات التي لابد منها لجعل الأفكار التي تجول في رأسه "كلاما" مقبولا ومحببا لدى المتدربين ، وفي ذلك فليتنافس المدربون!
 ***
  أحد الأسباب الرئيسية لضعف مستوى التدريب هو الاعتقاد الخاطئ والشائع بأن تصميم التدريب يبدأ من تصميم العرض التقديمي، وكلمة "تصميم" تحيل أذهان الكثيرين للأسف الشديد إلى عملية اختيار قوالب وألوان وحركات تثير المتدربين وتلفت انتباهمم وتبقي على تركيزهم، في المقابل يتقدم آخرون خطوات أفضل باعتقادهم أن تصميم التدريب يبدأ وينتهي عند اختيار الأنشطة االتدريبية التي سيتم تنفيذها أثناء الجلسة التدريبية، أو حتى طرق التدريب التي سيتم توظيفها لتنفيذ تلك الأنشطة، لكن دون إرتباط واضح بأهداف التدريب، ولا صياغة تلك الأهداف أصلا بناء على متطلبات العمل في المؤسسة أو احتياجات المتدربين، المسألة تعتمد على ميول المدرب/المشرف أو المشرف المدرب كما هي عمليات التدريب غالبا في وزارات التعليم في أغلب الدول العربية، لنجد أن هناك تباينا واضحا من مؤسسة إلى أخرى في مدى الإلتزام بالمعايير والأسس العلمية التي يقوم عليها تصميم التدريب، وهذا ينعكس بوضوح على جودة المحتوى التدريبي وبالتالي احتمالية ضياع كل جهود التدريب واستمرار القصور في ركن أساسي من أركان نجاح أي مؤسسة تسعى للمنافسة والريادة والتفوق.
 ***
إن لم يكن هذا القصور شائعا كمعرفة، فإنه شائع كممارسة، والفرق هو أن أعدادا متزايدة من المشتغلين في قطاع التدريب أو المنظمين حديثا إليه على  معرفة و وعي بخطأ هذا الإجراء وبعدم جدواه، وهم على يقين أن مئات من ورش التدريب "ذهبت مع الريح"، لكن ملاحظات المتدربين ومستويات رضاهم وتقييمهم للبرامج التدريبية ومستوى كفاءتهم عند عودتهم إلى بيئة العمل  تدل على أن الممارسة لم تتأثر بهذه المعرفة، أي أن إحساسنا بوجود هذا القصور لم يتم ترجمته إلى اجراءات مهنية تضمن تغييرا فعليا في مراقبة مرحلة تصميم التدريب، وفي كل الأحوال فإن القصور يشمل أيضا الإلمام بالأسس الصحيحة والخطوات الإجرائية التي ينبغي اتباعها لإخراج محتوى تدريبي ذي جودة وفعالية.
 ***
كانت تلك ثرثرة/مقدمة لازمة لفتح باب الأسئلة حول ممارساتنا الحالية المتعلقة بمرحلة تصميم التدريب، ولإستفزاز مكامن الخطأ فيما نعرفه وما نجهله على السواء حول مرحلة يبدو القفز عليها قفزا نحو المجهول في مسار التدريب، أو في أفضل الأحوال نحو الإعتباطية والعشوائية (إن أردنا استخدام توصيفا ملطفا لمآلات التدريب في هذه الحالة)،و في هذه السلسة من المقالات/التدوينات حول تصميم التدريب سنتجاوز الحديث عن مرحلة تحديد وتحليل الاحتياجات التدريبية، وسنفترض أننا قمنا بما يلزم حيال هذه المسألة نظرا لوعينا التام والمشترك بأهميتها، وفي البدء علينا أن نسأل ماذا نعني تحديدا بمرحلة أو عملية تصميم التدريب؟ لماذا نحتاج إلى الحديث والكتابة عن تصميم التدريب؟ وهل لذلك علاقة بتعظيم نتائج التدريب وعوائده على المؤسسة ومستوى كفاءتها وإنتاجها؟ ومن يقوم  تحديدا بتصميم التدريب؟ وهل هناك شركاء أو أطراف متعددة يمكن أن تشترك في عملية تصميم التدريب؟ وهل المتدربون أنفسهم معنيون بهذه المرحلة؟ أعني إلى أي مدى يمكن إشراك المتدربين في مرحلة تصميم التدريب؟

لا نود لهذا الحديث أن يكون مجرد حديث عن المشكلة، فنحن لدينا في الغالب نزعة و براعة في الحديث عن المشكلات، لكن عندما يحين وقت ابتكار الحلول وتقديم المقترحات والأساليب العملية نلوذ بالصمت، ما سأجتهد في تقديمه في التدوينات القادمة هو خطوات يمكن للإلتزام بها أن يمنح قدرا معقولا من الفهم والمعرفة والممارسة الإيجابية لجهة الرقي بمرحلة تصميم التدريب كحلقة أساسية في دورة حياة التدريب، حتى لا يكتب له الهدر والتلاشي من البداية!

ليست هناك تعليقات: