الإدارة الواعية تؤمن أن أي بناء أو تقدم في مسار المؤسسة لا يمكن تحقيقه من غير توجيه وتوظيف مثمر للموارد البشرية،وهذا يتطلب أن تعمل الإدارة على تعميق روح الفريق الواحد في مناخ المؤسسة وبيئة العمل، حتى يشعر العامل أو الموظف بأنه جزء أصيل وأساسي من كيان المؤسسة، وبذا يتلاشى الخوف والتردد وتحل محله روح الإقدام والحماس والمبادرة.
لكي نصل إلى مستوى جيد من إشراك الموظفين وإدماجهم وتعزيز انتمائهم للمؤسسة، علينا أن نقوم بردم الفجوة التي تفصل الإدارة عن الموظفين على إختلاف مستوياتهم الوظيفية، وإنهاء الحواجز التي تقف حائلا دون شعورهم بالإنتماء.. بعض المدراء يشعر بخوف وقلق من إشراك الموظفين في بعض الصلاحيات، مع أن التفويض ممارسة إدارية فعالة جدا، وسنتحدث عنها بتفصيل أكثر لاحقا.. كذلك، تقليل المستويات الإدارية التي تفصلك عن الموظفين، والسماح لأكبر قدر ممكن من التواصل المباشر معهم يرفع مستوى المشاركة ويعزز الشعور بالإحترام والتقدير لديهم.
أيضا جعل الموظف مساهما بوضوح في النجاح والتقدم الذي تحرزه الإدارة، وهذا يشعره بأهميته في الفريق.. ما يحصل للأسف لدى بعض الإدارات هي أنها تتذكر الكفاءات عندما تحتاج إليها، وعندما يحين وقت حصاد النتائج تنسب النجاح لنفسها وتنسى جهود الموظفين، خاصة أولئك الذين قاموا بالعمل الفعلي واجتهدوا في صمت وتفان، لذا تلاحظ مع الأيام تردد بعض الموظفين و عزوفهم عن المشاركة في المهام الجديدة أو فرق العمل التي يستدعي نشاط المؤسسة تشكيلها بين فترة وأخرى.
من الوسائل المقترحة أيضا لتعزيز مشاركة الموظفين الإعتراف والإشادة بكفاءتهم والثناء على جهودهم بطرقة متنوعة.. بالطبع إذا أردت أن تحبط موظفيك وتقضي على دافعيتهم أبعث إليهم برسالة مفادها أنكم غير أكفاء، ربما لن تفعل ذلك بشكل مباشر، لكن قيامك بعمل كل شيء بمفردك وتصديك لكل صغيرة وكبيرة، يشعرهم بأنهم لا يستحقون ثقتك.. والعبارة الشهيرة لنيتشه تقول: عامل الإنسان كما هو سيبقى كما هو، عامله كما تحب أن يكون سيصبح كما تحب أن يكون..
كذلك ينصح المدراء بالتحرر تدريجيا من عقدة (السري) والمعلومات السرية والبيانات التي لا يجب الإطلاع عليها.. هذه يا أخوة مشكلة حقيقية ينبغي التخلص منها، وللأسف ما يزال بعض الإداريين بمن فيهم الإدارات العليا في بعض مؤسساتنا تعاني من هذه العقدة..
بعض المؤسسات الرائدة في القطاع الخاص لا تعمل فقط على إطلاع موظفيها على بيانات الإيرادات والأرباح والخسائر، بل تذهب إلى إيضاح دلالات هذه الأرقام وعلاقاتها بما يحدث يوميا في مختلف الأقسام.. بهذه الطريقة سيشعر العاملون أنها شركاء مباشرين في تحقيق الأرباح والخسائر، وأن ممارساتهم اليومية تنعكس على الصورة الكلية لأداء المؤسسة..
أيضا، شارك الموظفين نتائج أعمالهم.. بعد إنجاز مهمة ما يرغب كل مشارك فيها في الإطلاع على نتائج العمل.. يريد أن يلامس نتائج ما أنجزه وردود الأفعال حوله وانعكاس ذلك على المؤسسة.. لا تحرمه من متعة الإحساس بالنجاح، ففاقد الشيء لا يعطيه..!